إن البكاء على الحسين (ع) هو تعبير عن كراهية محب الحسين (ع) للظلم، بما نال الحسين (ع) من مظلومية شديدة في دينه لله تعالى وتوحيده له جل وعلا.. وإذا كرهت النفوس الظلم، كرهت الشرك؛ إذ (إن الشرك لظلم عظيم)- لقمان:
إن البكاء على الحسين (ع)، لا يصدر إلا عن نفوس قُوّمت بتوحيد الله تعالى لأنها انطوت على بغض الظالمين وعداوتهم والبراءة منهم. وهذا منهج واضح في التوحيد يبرزه القرآن في سيرة سيد الموحدين إبراهيم الخليل (ع).
قال تعالى: (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه، إذ قالوا لقومهم إنّا بُرءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده) (الممتحنة: 4).
وفي موضع آخر من نهج القرآن تأكيد كون بغض الظالمين وعداوتهم هو نهج الموحدين، حيث قال تعالى على لسان إبراهيم (ع):
(قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون، أنتم وآباؤكم الأقدمون، فإنهم عدو لي إلا ربّ العالمين) (الشعراء: 75 – 77).
وفي موضع آخر يقول الله، عن سيد الموحدين إبراهيم في موقفه من جدّه لأمه، أو عمه: (فلما تبين أنه عدو لله تبرأ منه) التوبة: 114.
والبكاء على الحسين (ع)، بما فيه من حسرة وحرقة على مظلوميته ومصيبته الراتبة، يتضمن لعن الظالمين الكبار والبراءة منهم، الذين امتطوا الدين الذي جاء بشريعة التوحيد والوحدانية، فجعلوه سهماً لغاياتهم في الحياة الدنيا، وعروة للتسلط على الناس بغير عدل أفشوه أو حسنٍ فعلوه. والبكاء على الحسين (ع) طلب للعودة إلى شريعة التوحيد، شريعة الحسين (ع)، وجد الحسين (ص).